“قِصّةُ إنسانْ“

أنا إنسان من جسد وروح ونفس (هذه مكوناتي )
أما روحي، هذه النفخة الإلهية فهي موجودة منذ الأزل.
وأما النفس، فهي الآلية المتحركة داخلي عبر الحواس الخمس.
وأما جسدي، فبدأ تكوينه منذ أن كنت نطفة وكبر حتى موعد ولادتي.

ولدتُ قدّيساً مكرماً مسالماً لطيفاً مطمئناً بريئاً من أيّ عقد نفسيّة، في مجتمعٍ يحكمه الغباء العاطفي، في مجتمع يقضي بأنّ الإنسانَ الطفل عليهِ ألا يبوحَ بمشاعرهِ.

تمّ تشخيصي عند الطبيبِ النفسي علی أنني مصاب بالكثير من الاضطرابات النفسية.
كنتُ قلقاً، شاعراً بأنّ سلامي النفسي متزعزع!

لكنني لم أكن أعرف أنّ حياتي الإجتماعية، الأسرية، المهنية، مبنيةٌ علی هذهِ العقد النفسية.

استجّر المعالج النفسي ذكرياتي المطحونة مع ذاتي.
تعبتُ، تألمتُ ، عشتُ في صراع حتى ترتبتْ مشاعري و تحررتْ أفكاري السلبية.
لقد استطاع الوصول إلی ذاتي الحقيقيّة.
إلى روحي النقية…
وخلصّها من الكركبة والبرمجيات التي سلبتني حقيقتي طوال سنين عمري.
أحببتُ أنا الانسان.
كنتُ غريباً عني، غير مطمئن، لا أعرف ماذا أريد. وإنما مايريد المجتمع كي يرضى عني، كي يقبلني،
فأنا أخاف من الرفض، أتمردُ على الحق كي أثبت حريتي التي سلبتْ، لم أدرك أنني أتهاوی، إلی الفراغ….
إلی اللاشيء….

: عندما كنتُ صغيراً كانت أسئلةٌ كثيرة تملیء دماغي الصغير، مثل: لمَ سلطة الكره والخوف والحزن والقسوة والإهمال هي في عالمي حتى أنه تم اختراقي بهم.
ثمّ أتی يومٌ لم تعد تهمني فيهِ هذهِ التساؤلات!
صرتُ مسلوبَ الذات!

ابتعدت عن أنا الإنسان ضعيف الإراده والإداره والقيادة. أتظاهر بالقوة، بالضعف، لأكمل مسلسل الحياة الدرامي

وأمورٌ كثيرة دفعتني للذهاب للمعالج النفسي.
اليومَ أتساءل: كم من شخصٍ يحتاج لأنْ يُسمع في مجتمعي!؟
كم من شخصٍ يحتاجُ حقاً لأن يضيء المعالج النفسي علی مشاكلهِ !؟

المجتمع يخاف من نظرة المجتمع!

كلً من القسمين يظن أنه
 منزّه عن الخطأ، وهو شعب الله المختار، إنهم سجناء المعتقدات، يقدّسون العادات البالية.
وأنا بينهم أصبحتُ الُمخطأ، ضائع، تائه
تابع لهم جميعاً…

أخبرني المعالج أن الخطأ هو أن لاأعرف من أنا، أنفصل عن الحقيقة!
علموني أن أصير مثلهم! ثمّ لامونني لأنني مثلهم وكأنّ الخطأ ليس خطأً ما دام مرهوناً بهم!

يريدوننا نسخة عنهم، ثم يلوموننا لأننا صرنا نسخة عنهم، ويلوموننا إنْ اختلفنا عنهم أيضاً.

مجتمعٌ قائمٌ علی التناقضات، لا تعرفُ فيهِ رأسكَ من قدميك، تضيعُ فيهِ المعاني والقيّم الأخلاقية وغالبيّة الناسِ باقيةٌ في مكانها لعنادها، يزعمونَ أنّهم بذلك ثابتونَ علی مبادئهم
وهم في الحقيقة أشباحاً يتزوجونَ أشباحاً وينجبونَ أشباحاً.

أنا الإنسان أقول لك: تجرأ علی كسرِ تلكَ الأصنام الجالسة في رأسكَ التي توجهك كيفما تشاء.
هنالكَ مساحةٌ سجن تأخذُ قسماً كبيراً من ذاتكَ تملٶها القيودُ التي تحبط من قدراتك.

اطلب المساعدة إن أردته،ا وإن احتجتَ إلی معالج نفسي لا تتردد.

تجرأ علی كسرِ قيودكَ وقلْ “لا” في وجهِ الأفكار الدخيلة إلی ذاتك.

تجرأ في تسليط الضوء على التشوه الحاصل عندك وأن تسميّها بمسمياتها الحقيقية.
لاتهرب من الألم!
فالعملية الجراحية النفسية مؤلمة لكنها بعد ذلك مريحة وأنت الرابح.
فإنها تجعلك تستقّل بنفسكَ عن محيطك، وأنت بينهم.