بدايةً:
كل يوم عشرات الاستشارات فيما يخصّ موضوع العلاقة العاطفية بين الشبان والفتيات، التي تبدأ بالإعجاب وغالباً تنتهي بالانفصال .
- العلاقة العاطفية موضوع فُرض وجوده في ساحات المجتمعات العربية، وقد ازداد بنسبة كبيرة لديهما عما كان عليه منذ بضعة سنوات، مما خلق الكثير من فوضى المشاعر لدى الجنسين.
حيث أن هناك دراسة تقول أن 50% من الشباب العرب لديهم علاقة عاطفية خارج إطار الزواج.
حيث أن الحب هو عاطفة إنسانية قوية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلاقات بين الأشخاص، وخاصة العلاقة بين الشاب والفتاة. وقد أثار موضوع العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة الكثير من الجدل والنقاش، خاصة في المجتمعات العربية التي تنظر إلى هذه العلاقة بكثير من الحساسية.
أبرز أنواع العلاقات بين الشباب والفتيات، تكون علاقة عاطفية بلا هدف محدد:
فيما مضى عندما كانت تنشأ علاقة عاطفية بين اثنين، كان طريق تلك العلاقة واضحاً وآمناً على الأقل بالنسبة للفتيات، ولكننا اليوم أصبحنا نرى علاقات تائهة بمشاعر غير مستقرّة وطريق منتهي قبل بدايته وكل ذلك تحت مسمّى الحب بالنسبة للفتيات! أو ربما تحت مسمّى التجربة بالنسبة للشبان.
أصبحنا نرى أن حديث الشبان بات حول أهمية الخوض في علاقة واكتساب تجربة عاطفية وخبرة، ومن منظور آخر نرى الفتيات يخضن في رحلة عاطفية غير واضحة المعالم.
السؤال هنا: كيف أصبح الحب والعلاقة العاطفية مسمّى عابر ومستهلك؟
من هذا المنطلق أُسمي الحالة هذه “موضة الحب”:
قد يستغرب البعض من ربط كلمة الحب والموضة في جملة واحدة، ولكن هذا الوصف بات أمراً واقعاً فكما أن هناك موضة لكل شيء أصبح الحب موضة أو بعبارة أوضح أصبحت الحاجة إلى العلاقة العاطفية موضة.
من بعيد يُشاهَدُ اثنين تربطهما علاقة عاطفية ما، ولا ندري إن كانت، غير سويّة أوصحية، وربما سامّة، إما بالواقع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتُخلقُ لدى البعض الرغبة في خوض التجربة والمشي مع التيّار، فنرى الثنائيات منتشرة في كل مكان سراً كان ذلك أو علناً.
العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة في علم النفس:
لقد أثبت ذت الدراسة وجود صلة عصبيّة تربط الفهم العاطفي بالانجذاب نحو الآخر. ولاحظ العلماء أنّه كلمّا ارتفع فهم الرجل لمشاعر امرأة معيّنة، زادت نسبة إعجابه بها وانجذابه إليها. وتشدّد البروفيسورة سيلكي أندرز، القيّمة على الدراسة، على أنّ القدرة على فهم مشاعر الآخر أمر ضروري لإنجاح التفاعل الاجتماعي.
لكن الفهم للنفس وللآخر عادةً يكون غير موجود، وغياب الوعي يؤدي لعلاقة عاطفية فاشلة، وسامّة ومؤذية.
الطبيعة النفسية للعلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة:
تشير الدراسات النفسية إلى أن العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة تستند إلى مجموعة من العوامل النفسية، أهمها:
الجذب الجسدي: وهو عامل مهم في بداية العلاقة، حيث يميل كل من الشاب والفتاة إلى الانجذاب إلى الشخص الذي يجد فيه صفات جسدية جذابة.
التشابه: يميل الناس إلى الانجذاب إلى الأشخاص الذين يشبهونهم في الصفات الشخصية والاهتمامات والقيم.
التواصل الفعال: يعتمد نجاح العلاقة العاطفية على التواصل الفعال بين الطرفين، حيث يسمح التواصل الفعال بمعرفة كل من الطرفين الآخر بشكل أفضل والتفاهم معه.
ولكل شيءٍ محاسنه ومساوئه، فلا ننكر أن للعلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة محاسن ومساوئ، سنذكر بعضها.
الآثار الإيجابية:
للعلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة آثار إيجابية عديدة، منها:
الشعور بالسعادة والرضا:
تُساهم العلاقة العاطفية في شعور الشخص بالسعادة والرضا عن حياته.
الدعم النفسي: يُقدم الشريك الدعم النفسي للآخر، مما يساعده على التغلب على المشكلات والصعوبات.
التنمية الشخصية: تُساهم العلاقة العاطفية في تنمية شخصية الشخص، من خلال تعلمه كيفية التواصل والتفاهم مع الآخرين.
الآثار السلبية:
للعلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة آثار سلبية عديدة، منها:
الوقوع في المحرمات: قد يؤدي الحب بين الشاب والفتاة قبل الزواج إلى الوقوع في المحرمات، مثل الزنا والعلاقات غير الشرعية.
الألم والمعاناة: قد تنتهي العلاقة العاطفية بالفشل، مما يسبب الألم والمعاناة للطرفين.
التأثير على الدراسة أو العمل: قد تؤثر العلاقة العاطفية على الدراسة أو العمل، مما يؤدي إلى انخفاض التحصيل الدراسي أو الإنتاجية في العمل.
هناك الكثير من الشبان والأهالي، يسألون أسئلة مثل:
هل الحب في الإسلام حرام؟
لماذا حرم الله الحب قبل الزواج؟
ماهو حكم العلاقة بين الشاب والفتاة؟
لنكون على حياد فإننا سنجيب الجواب الأيسر، المبني على طبيعة الإنسان وحقيقته.
حيث أن دار الإفتاء المصرية أجابت على سؤال نصه «ما حكم الحب قبل الزواج؟»، إذ قال الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنّ الحب ليس حرامًا، لأنه مشاعر ليس للإنسان دخل فيها، فهذه الانفعالات تحدث في النفس
وفيه، أضاف أنه يجب أولًا ألا نمنع حباً بين شاب وفتاة ولكن نلتزم بما قاله رسول الله: «لم ير للمتحابين مثل النكاح»،
وهذا يعني أن في حكم الحب بين الشاب والفتاة، فإذا أحب الشاب فتاة فينبغي أن يذهب إلى بيت والدها ويطلب خطبتها، فالحب ليس حراماً ولكن علينا أن نكلله بالأخلاق.
أزمات العلاقات بين الطرفين:
لم تعد مشكلة الفتيات في يومنا هذا أن العلاقة العاطفية قد لا تنتهي بالحب، ولكن المشكلة أصبحت أكثر تعقيداً!
الكثير من الفتيات يخضن في علاقة عاطفية بالرغم من معرفتهن بأن تلك العلاقة لن تتكلل بالزواج ومع ذلك يمشين في ذلك الطريق وينفقن الكثير من المشاعر دون هدف.
المشكلة اليوم أصبحت نفسية لدى الكثير أو أنها تعود لمنشأ نفسي قديم، وبالرغم من أن بعض الفتيات يعرفن بأن القصة نفسية وليس لها علاقة بالمشاعر فقط، ومع ذلك لا يتوقفن بسبب حاجتهم للعواطف وتعلّقهم السام الغير صحي.
الخلل النفسي والتعلّق الطاقي:
هناك حالة نفسية تصاحب الأشخاص الذين هم في علاقة عاطفية أو كانوا في علاقة سابقاً، هذه الحالة هي التعلّق الطاقي.
التعلّق هو حالة تسيطر على الشخص ويُعبّر عنها بالاحتياج.
في بعض الأحيان تتخطى الفتاة شعور الحب، وتتبدل الحالة لتصبح تعلّقاً مرضياً، فنجد أن الفتاة متعلقة بالشاب حتى بعد انتهاء العلاقة العاطفية، ونراها متعبة ومتألمة وتحاول استرجاع حبيبها بالرغم من أنها تعلم أنه لا يناسبها أو أنه شخص سيء. هذه الحالة نجدها عندما تكون طاقة الشخص الآخر مسيطرة بشكل كامل على الفتاة.
فمن طاقة الجذب التي فرضها عليها إلى طاقة الاحتياج والعوز التي أصابتها.
يترافق مع هذه الحالة غياب الوعي والتفكير لدى الفتاة، بالإضافة إلى عدم الاستماع للنصيحة والبعد عن طلب المشورة، وتصيب الفتاة حالة من التلذذ بالألم الناتج من طاقة التعلّق تلك.
هذه الحالة موجودة أيضاً لدى الشبّان وينتج عنها ذات الأعراض ولكن بنسبة أقل.
أسباب فشل العلاقة العاطفية:
_التفكير في الماضي:
يعاني البعض من مشاكل نفسية لها علاقة في ماضي الفتاة والشاب أو نتيجة تجربة فاشلة سابقة، مما يخلق ردة فعل سلبية وبناء قرارات خاطئة.
كثيراً ما نجد أن الخلافات بين الأم والأب تسبب خللاً في شخصية بعض الفتيات والشبان مما يجعلهم يميلون لإقامة علاقات عابرة أو سامةّ، فنرى الفتاة تتعلق بالشاب ظناً منها أنه سوف يكون (الجائزة) التي سوف تعوّضها عمّا قاسته في الماضي. من جهة أخرى تهرب بعض الفتيات والشبان من مشاكلهم العائلية نحو علاقة عاطفية حتى يستطيعون تجاوز ما يمرون به من مشاكل.
عدم الوعي:
كما أنّ أحد أهم الأسباب في فشل العلاقة العاطفية هو غياب طاقة الذكورة والأنوثة في المنزل.
بمعنى أنه عندما يغيب حضور الأب والأخوة في حياة الفتاة، تميل الفتاة لإقامة علاقات عاطفية حتى تسدّ النقص الذي تشعر به، علماً أنه قد يكون سبب غيابهم عدم إعطاء الفتاة العاطفة والحنان وربما طمس حريتها وتهميشها.
كذلك غياب الأنثى من حياة الشاب في المنزل وعدم الاهتمام به يجعل في داخله فجوة تحتاج إلى من يملأها.
ومن المشاكل العصرية الأخرى التي لها دور في فشل العلاقة العاطفية هي غياب الهدف وعدم معرفة الذات.
كثيراً من الفتيات والشبان ليس لديهم هدف في الحياة ولا يسعون لتحقيق الذات لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون!، لذلك يجدون أن الارتباط بعلاقة عاطفية هو أهم شيء في الحياة، على عكس الفتيات والشبان الذين لديهم أهداف، نجد أنهم يسعون لتطوير أنفسهم والابتعاد عن العلاقات العابرة.
لا ننسى أيضاً أن قلة الوعي تلعب دوراً في فشل العلاقة العاطفية بعيداً عن وجود أي مشاكل لدى الطرفين.
أسباب مجتمعية أخرى:
من الأسباب التي تلعب دوراً في فشل العلاقة أيضاً هو مقارنة الفتاة نفسها بالشاب من منطلق المساواة فقط.
يغيب عن ذهن بعض الفتيات أن الدخول في علاقة عابرة هو خطأ سواء كان للشاب أو الفتاة، فهو يستهلك الكثير من المشاعر التي تودي بالإنسان إلى مشاكل نفسية وربما جسدية في بعض الأحيان.
جميعنا يحتاج الحب.. الحب الصادق الذي يبدأ بالارتباط الروحي وينتهي بالارتباط الروحي والجسدي، ولكن الخوض في علاقة عابرة دون هدف وفقط من أجل العلاقة العاطفية هو ما ينهي أي ارتباط.
كما أننا يجب ألا ننسى الكبت الديني والمجتمعي الذي تمارسه العائلات على الفتيات تحديداً، فنجد عبارات الأهالي كالتالي: (ما بصير تحكي أو تختلطي مع شباب لأنه حرام)، (البنت خلقت للبيت وأخوكِ شب لا يعيبه شيء)، (البنت الها سمعتها ولازم تخبي مشاعرها لجوزها).
هذه العبارات منشأها العادات والتقاليد وليس الدين! ومن هنا نجد أن ممارسة الضغط الفكري والكلامي على الفتاة قد يجعلها تكسر القفص المجتمعي وتطير وتهرب دون وجهة أو حذر.
نتائج تلك العلاقات وتأثيرها على الفتاة تحديداً:
كما نعلم أن لكل فعل ردة فعل والتي تكون بمثابة نتيجة، كذلك العلاقات الفاشلة تكون لها نتائج سلبية على الفتاة، من تلك النتائج:
الإدمان:
تصبح أغلب الفتيات مدمنات على حب نفس الشخص الخاطئ، أو الإدمان على خوض عدة علاقات بهدف الانتقام من النفس ومن الآخر وجلد الذات.
الأذى النفسي:
قد لا تدرك الفتاة أن العلاقات الفاشلة قد تؤذيها نفسياً، فتفقد الفتاة الثقة بنفسها وبمن حولها، وتصبح ضعيفة لا تستطيع تجاوز الفشل ولا البدء من جديد.
زواج فاشل:
غالباً نجد أن الفتاة التي كانت لها تجارب فاشلة في الحب، تكون لها تجربة فاشلة في الزواج (هذا ليس قاعدة عامة وإنما هناك حالات)
والسبب في ذلك يعود للأذى النفسي الذي تعرضت لها الفتاة، بالإضافة إلى أنها بعد الزواج تبدأ بعمل إسقاطات من تجربتها الفاشلة وتطبيقها على الزوج مما ينهي الزواج بالطلاق أو الهجر.
الحل وإنقاذ النفس:
حلول قبل العلاقة:
ليست جميع الحلول تأتي بعد المشكلة وإنما هناك حلول تكون قبل وقوع المشكلة وهذه الحلول تكون (وقائية).
في هذه المرحلة يقع عاتق المسؤولية الأكبر على الأبوين، خاصة في إعطاء العاطفة للأبناء وتوعيتهم وإعطائهم الحرية للتعبير عن مشاعرهم ورغباتهم. بالإضافة إلى المساواة في التربية والعدل بين الشاب والفتاة، وإبعادهم عن المشاكل التي قد تحدث بينهما.
نصائح لإقامة علاقة عاطفية ناجحة:
لكي تصبح العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة ناجحة، يجب على الطرفين اتباع النصائح التالية:
كن صادقًا مع نفسك ومع الطرف الآخر: من المهم أن تكون صادقًا مع نفسك ومع الطرف الآخر حول مشاعرك ورغباتك، فهذا يساعد على بناء علاقة مبنية على الثقة والاحترام.
كن محترمًا للطرف الآخر: يجب أن تتعامل مع الطرف الآخر باحترام، فهذا يعكس تقديرك له ولشخصيته.
كن متقبلًا للاختلافات: كل شخص يختلف عن الآخر، لذلك من المهم أن تكون متقبلًا للاختلافات بينك وبين الطرف الآخر.
تعلم حل المشكلات: لا بد أن تواجه العلاقة العاطفية بعض المشكلات، لذلك من المهم أن تتعلم حل هذه المشكلات بطريقة صحية.
حلول ونصائح ما بعد العلاقة:
عندما تنتهي العلاقة بين الشاب والفتاة بالفشل، هذا لا يعني نهاية الطريق أو الحياة، فجميع الأشخاص تخطأ وتختار طريقاً لا يشبهها في بعض الأحيان. على الفتاة والشاب اللذان يخرجان من علاقة فاشلة أن يفكران بأسباب الفشل، وأن يحللان أفعالهما وأفعال الشريك خلال العلاقة.
كما أنه يجب عليهما العودة للتوازن والبحث عن فرص أخرى في الحياة سواء في الحب أو الدراسة أو العمل. لن تنتهي العلاقة من داخلهما بدون التشافي والتعافي تماماً من تلك العلاقة.
عندما تضيق السبل ولا يستطيع الطرفان تجاوز الأمر عليهما اللجوء إلى المعالج النفسي، حتى يستطيع تشخيص الحالة وعمل جراحة نفسية لهما ومن ثم المداواة.
في النهاية:
لا نقول إنه يجب الابتعاد عن العلاقات العاطفية، لأن العاطفة تشكل جزءاً كبيراً من شعور الإنسان.
والحب بين الشاب والفتاة علاقة إنسانية طبيعية، ويمكن أن تكون مصدرًا للسعادة والرضا للطرفين. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه العلاقة مبنية على الأخلاق والاحترام المتبادل، وأن تلبي احتياجات الطرفين.
ولكن علينا أن نكون حذرين في تكوين علاقة عاطفية وأن نحسن الاختيار وأن نضع هدف لتلك العلاقة ومن المهم أن تكون على دراية بالأحكام الدينية والاجتماعية المتعلقة بهذه العلاقة، وأن تتبع النصائح اللازمة لإقامة علاقة عاطفية ناجحة.
ومن المهم أن تكون على دراية بالأحكام الدينية والاجتماعية المتعلقة بهذه العلاقة، وأن تتبع النصائح اللازمة لإقامة علاقة عاطفية ناجحة.