في كل ساعة، تتعرض امرأة أو فتاة في مكان ما في العالم للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على يد أحد أفراد أسرتها أو شريكها أو شخص آخر. هذا العنف هو انتهاك لكرامة المرأة وحقوقها، وهو فعل شنيع لا يمكن السكوت عنه.
فالعنف ضد المرأة هو ظاهرة اجتماعية وحقوقية تعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق المرأة وكرامتها.
لكن في كل يوم، تقف امرأة أمام العنف وتغلبه. امرأة ترفض الاستسلام، وتؤمن بنفسها، وتسعى إلى حياة أفضل. امرأة تدرك أن العنف ليس قدرها، وأنها قادرة على تغيير حياتها.
ماهو العنف وماهي أشكالة؟
يُعَرَّف العنف ضد المرأة على أنه:
” أي فعل يؤدي إلى إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي أو الجنسي للمرأة”
أشكال العنف ضد المرأة:
- العنف الجسدي: يتضمن ضرب المرأة، ورمي الأشياء عليها، وتوجيه اللكمات والركلات إليها. يمكن أن يؤدي إلى إصابات جسدية خطيرة وتشويه.
- العنف النفسي: يشمل التهديد والتخويف والابتزاز العاطفي، وإهانة المرأة أو تقليل قدراتها وثقتها بالنفس. يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والانطواء وفقدان الثقة بالذات.
- العنف الجنسي: يشمل التحرش الجنسي، والاغتصاب، والضغط على المرأة لممارسة الجنس دون موافقتها. يسبب إصابات جسدية وعاطفية خطيرة، وقد يؤدي إلى اضطرابات ما بعد الاغتصاب.
- التحرش الجنسي: يتضمن التصرفات غير المرغوب فيها من قبل شخص آخر، مثل التلميحات الجنسية غير المرغوب فيها، والتعليقات الجنسية المُزعجة، واللمس غير المرغوب فيه. يُخَلِّف تأثيرًا سلبيًا على سلامة المرأة وشعورها بالأمان.
- العنف المنزلي: يشمل الإيذاء الجسدي أو النفسي أو الجنسي للمرأة داخل بيئة المنزل، سواء من قِبَل شريك حياتها أو أحد أفراد الأسرة. يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية والعاطفية للمرأة وتقييد حريتها.
هل سبق لك أن تساءلت عن الأسباب التي تدفع بالمرأة إلى قبول الإهانة؟!
إنه من المهم أن نسلط الضوء على هذه الأسباب ونعمل على تغيير هذه الظروف، حتى تتمكن المرأة من تحقيق حقوقها والعيش بكرامة واحترام.
وهذه الأسباب تتركز في:
- الحقوق الضائعة الغير معروفة: قد يكون للمرأة صعوبة في التعرف على حقوقها المشروعة والتي تكفلها القوانين والتشريعات. قد يؤدي غياب المعرفة إلى تقبل الإهانة بدلاً من المطالبة بحقوقها، يمكن أن يؤدي هذا الجهل إلى قبول الإهانة والظلم، حيث يعتقدن أنهن ليس لديهن خيار آخر.
- ظلم المرأة لنفسها: قد يتسبب غياب الوعي الذاتي، وانخفاض التقدير الذاتي لدى بعض النساء في قبول الإهانة. مما يجعلهن يتقبلن الإهانة ويبررونها بأنفسهن، ويعتقدون أنهن لا يستحقن العيش بكرامة.
- _عدم تحقيق الاستقلال المادي: يُعتبر الاستقلال المادي عاملاً مهماً في تحقيق حرية المرأة وقدرتها على رفض الإهانة. عندما تكون المرأة معتمدة ماديًا على شخص آخر، تجبرها الظروف المادية المرأة على الاستمرار في بيئة سامة أو علاقة مسيئة وتحمل الظلم والإهانة.
- _ضغط الأهل والمجتمع: يمكن أن يتعرض النساء لضغط من قبل أفراد عائلتهن أو المجتمع بشكل عام، مما يجعلهن يتسامحن مع الإهانة ويخافن من الانفصال أو المقاومة. يتم تشجيع النساء أحيانًا على تحمل الإهانة من أجل الحفاظ على صورة معينة في المجتمع.
إنه من المهم أن نسلط الضوء على هذه الأسباب ونعمل على تغيير هذه الظروف لتدرك المرأة أنه لا يجب على أي امرأة قبول العنف أو الإهانة، فالكرامة والحرية هي حقوق لا تقبل المساومة والوعي الذاتي هو السلاح الأقوى للمرأة في مواجهة العنف والإهانة، فهو يمكّنها من رفض الظلم وتحقيق العدالة.
ولكن يمكننا أن نجعل من العالم مكاناً أفضل للنساء، وذلك من خلال “تثقيف الناس حول حقوق المرأة وأهمية المساواة بين الجنسين”، و”تعزيز القوانين التي تحمي النساء من العنف”، و”توفير الدعم للنساء اللاتي تعرضن للعنف”. بالإضافة إلى أن قوة المرأة لاتكمن فقط في قدرتها على تحمل الصعاب، بل في قدرتها على تغيير الواقع وبناء مستقبل أفضل.
وتعد مكافحة العنف ضد المرأة من خلال الوعي الذاتي أحد الأساليب الفعالة في تغيير الثقافة والمواقف الاجتماعية تجاه المرأة وحقوقها.
الوعي الذاتي يشمل:
- التعرف على العنف: يتضمن التعرف على أشكال العنف المختلفة وكيفية التعامل معها، والتأكد من حقوق المرأة وحمايتها من التعرض للعنف.
- تطوير الثقة بالذات: يشمل تحسين مستوى الثقة بالذات والاعتماد على القدرات الشخصية للمرأة، وذلك بتطوير مهارات التواصل والتفكير الإيجابي والتعامل مع المشاعر.
- تحسين الصحة النفسية: يشمل تحسين صحة المرأة النفسية والعاطفية وذلك بالحصول على الدعم النفسي والاجتماعي، والبحث عن طرق لتخفيف التوتر والضغوط النفسية.
- تطوير المهارات: يشمل تطوير المهارات المختلفة التي تساعد المرأة على تحسين حالتها وحماية نفسها من التعرض للعنف، مثل تطوير مهارات التواصل والتفكير الإيجابي والتحكم في المشاعر.
- المشاركة في الأنشطة المجتمعية: يشمل المشاركة في الأنشطة المجتمعية والدورات التدريبية التي تساعد المرأة على تطوير مهاراتها وزيادة ثقافتها وتوعيتها بحقوقها.
بعض أساليب الوعي الذاتي التي يمكن استخدامها في مكافحة العنف ضد المرأة:
التعرف على الحقوق والقيم: يتطلب ذلك فهمًا عميقًا لحقوق المرأة والقيم التي تؤمن بها. يساعد هذا الوعي في تعزيز الثقة بالنفس والاستعداد للدفاع عن حقوق المرأة.
- تحليل العلاقات السلبية: يتضمن ذلك تقييم العلاقات المحتملة أو الحالية التي تحتوي على عناصر من العنف أو التحكم غير المشروع. يساعد هذا التحليل في اتخاذ قرارات صحية والابتعاد عن العلاقات المؤذية.
- تطوير مهارات التواصل والتفاوض: يُمكِن المرأة من التعبير عن احتياجاتها ورغباتها بطريقة صحية وفعّالة، وكذلك التفاوض للحصول على حقوقها وتحقيق مصالحها بدون عنف أو اضطهاد.
- بناء شبكة دعم قوية: يشمل ذلك التواصل مع أشخاص آخرين مثل أفراد الأسرة، والأصدقاء، والمجتمع المحلي، والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة. تلعب هذه الشبكة دورًا هامًا في تقديم الدعم والمساندة في حالات التعرض للعنف.
- تطوير مهارات التحدي والتصدي: يتضمن ذلك تعزيز المهارات الشخصية والانفرادية للتصدي للعنف والدفاع عن النفس، مثل تعلم فنون الدفاع عن النفس أو اتخاذ إجراءات قانونية في حالات الانتهاك.
- التوجيه والتثقيف: يشمل ذلك توفير المعلومات والتثقيف حول حقوق المرأة والخدمات المتاحة للضحايا، مثل خطوط الدعم والملاذات الآمنة والمراكز الاستشارية.
ويمكننا القول: الوعي هو السلاح الأقوى الذي تحمله المرأة، بواسطته تستطيع فك القيود، وقول “لا” في وجه الظلم.
قصة عن امرأة مُعنفة:
في أحد الأحياء الشعبية، كانت تعيش فتاة اسمها “سناء” مع أسرتها. كانت سناء فتاة جميلة وطموحة، وكانت تحلم بمستقبل أفضل لها. ولكن، كان والدها رجلاً عنيفاً، وكان يعاملها بقسوة شديدة. كان يضربها ويعنفها لأقل سبب، وكان يهددها بالقتل إذا لم تفعل ما يريده.
في أحد الأيام، غضبت سناء من والدها، ورفضت أن تفعل ما يريده
. فقام والدها بضربها ضرباً مبرحاً، حتى أفقدها الوعي. عندما استيقظت سناء، وجدت نفسها في المستشفى. وعلم والدها أن ما فعله خطأ، فقام بعتذارها. ولكن، كان الاعتذار متأخراً، فقد فقدت هناء الثقة في والدها، وفي الرجال عموماً.
قصة ثانية عن امرأة مُعنفة:
كانت فاطمة امرأة شابة جميلة، تعيش في قرية صغيرة. كانت متزوجة من رجل عنيف، كان يضربها ويعاملها معاملة سيئة.
ذات يوم، تشاجرت فاطمة مع زوجها، فقام بضربها ضرباً مبرحاً، حتى فقدت الوعي. عندما استيقظت، وجدت نفسها في المستشفى، وقد تعرضت لإصابات خطيرة.
رفعت فاطمة دعوى قضائية ضد زوجها، وتم الحكم عليه بالسجن. لكن فاطمة لم تتمكن من العودة إلى حياتها الطبيعية، فقد تركها العنف أثراً عميقاً في قلبها وعقلها.
هذه مجرد قصة واحدة من ملايين القصص التي تحدث كل يوم. يجب أن نتذكر أن العنف ضد المرأة هو جريمة، وأن النساء يجب أن يتمتعن بحقوقهن كاملة، بما في ذلك الحق في العيش بأمان.
يرجع العنف ضد المرأة إلى مجموعة من الأسباب، منها الأفكار الذكورية السائدة التي تنظر إلى المرأة كسلعة أو ملكية، وجهل وانعدام الوعي والثقافة بشأن حقوق المرأة، والوحشية البشرية التي لا تفرق بين الرجل والمرأة.
ما يمكننا فعله لمكافحة العنف ضد المرأة:
- يجب أن يتم تثقيف المجتمع بأسره، من الرجال والنساء والأطفال، حول حقوق المرأة وأهمية المساواة بين الجنسين.
- يجب أن يتم تعليم الناس أن المرأة هي إنسانة كاملة لها حقوق مساوية لحقوق الرجل، وأن العنف ضد المرأة هو انتهاك لهذه الحقوق.
- يجب أن يتم تعزيز الوعي بأشكال العنف ضد المرأة المختلفة، الجسدي والنفسي والجنسي.
- يجب أن يتم تعزيز القوانين التي تحمي النساء من العنف، سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي.
- يجب أن تكون هذه القوانين صارمة وحازمة، وأن تتضمن عقوبات رادعة للمعتدين.
- يجب أن يتم تطبيق هذه القوانين بشكل عادل ونزيه، دون تمييز.
- يجب توفير الدعم للنساء اللاتي تعرضن للعنف، سواء على المستوى المادي أو النفسي أو الاجتماعي.
- يجب أن يتم توفير مأوى آمن للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، وتقديم الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية لهن.
- يجب أن يتم تشجيع النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإبلاغ عن المعتدين، وتقديم الدعم لهن في هذه العملية.
قصة امرأة مُعنّفة:
قصة “سارة” هي واحدة من قصص هؤلاء النساء اللواتي تغلبن على العنف من خلال الوعي الذاتي. سارة كانت امرأة شابة تعيش مع زوجها وأولادها في قرية صغيرة. كان زوجها رجلاً عنيفاً، وكان يضربها ويعاملها بقسوة.
لكن سارة لم تستسلم، بل قررت أن تواجه زوجها وتدافع عن حقوقها. بدأت في تثقيف نفسها حول حقوق المرأة، وتعلمت كيفية حماية نفسها. كما بحثت عن الدعم من عائلتها وأصدقائها.
بعد فترة من الكفاح، تمكنت سارة من الفرار من زوجها وبناء حياة جديدة لها ولأطفالها. أصبحت ناشطة في مجال حقوق المرأة، وتعمل على مساعدة النساء الأخريات اللاتي تعرضن للعنف.
قصة سارة هي قصة أمل وتفاؤل. إنها قصة تثبت أن العنف ضد المرأة ليس قدراً محتوماً، وأنه يمكن للمرأة أن تتجاوزه وتبني حياة جديدة لها.
ولكن حتى تتمكن المزيد من النساء من كسر دائرة العنف، لابد من اتخاذ إجراءات حقيقية لمكافحة هذه الظاهرة.
وبحسب الإحصائيات، فإن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي على الأقل مرة واحدة في حياتها. كما أن العنف ضد المرأة يتسبب في وفاة مليون امرأة وفتاة كل عام.
ولذلك، فإننا بحاجة إلى العمل معاً لمكافحة العنف ضد المرأة. نحتاج إلى تغيير المفاهيم والأفكار السائدة حول المرأة، وتعزيز القوانين التي تحمي النساء من العنف، وتوفير الدعم للنساء اللاتي تعرضن للعنف.
نحن جميعاً مسؤولون عن مكافحة العنف ضد المرأة، فكل منا له دور يلعبه في هذه القضية.
“لنكن صوتاً للنساء اللاتي تعرضن للعنف، ولن نسمح لهن بأن يشعرن بأنهن وحدهن.”
لنجعل من العالم مكاناً أكثر أماناً للنساء والفتيات.
ختاماً:
نذكر بأن العنف ليس سوى سلاح يستخدمه الضعفاء، ولكن يجب أن نتذكر أن لدينا سلاحًا أقوى وأكثر تأثيرًا، وهو صوتنا. صوت الوعي الذاتي والقوة الداخلية التي تجعلنا نستنكر العنف ونقف بحزم ضد كل أشكاله. لذا، دعونا نستخدم صوتنا لإحداث التغيير والعدالة، ولنعمل معًا لبناء مجتمع خالٍ من العنف ومكانًا آمنًا للمرأة وللجميع. فلنحمل راية السلام والمحبة، ولنجعل صوتنا يرتفع عاليًا، فإنه سلاحنا الأقوى في محاربة الظلم وتحقيق السعادة والتغيير الإيجابي.