تتنوع الآلام الخاصة بالإنسان وتكون على مستويين؛ مستوى جسدي ومستوى نفسي. لكل مستوى من هذه الآلالم طريقة للعلاج تتم بمساعدة المختص، فمثلاً عندما تكون الأمراض جسدية، يلجأ المريض إلى الطبيب الأخصائي بالأمراض الجسدية، ولكن عندما يكون الألم نفسي لم يعد اللجوء إلى طبيب نفسي لصرف العقاقير له هو الحل الوحيد، إلا في وجود حالات خاصة، بل التعافي الحقيقي يجب أن يكون هناك جلسات علاجية، تتم من قبل المختص ليوجّه المتعالج، عبر الإرشاد والتوعية، وتقنيات خاصة لكل حالة للوصول لمرحلة العافية النفسية.
من هو المختص أو المعالج النفسي؟
هو مهني مؤهل يساعد الناس على تحسين صحتهم العقلية ورفاهيتهم. يفعلون ذلك من خلال توفير العلاج النفسي، وهو شكل من أشكال العلاج يركز على مساعدة الناس على تغيير أفكارهم وسلوكياتهم ومشاعرهم.
وبشكل أكثر دقة، هو أخصائي بعلم النفس وعلم السلوك، تعلّم ودرس كثيراً، حتى استطاع أن يحاول فهم النفس البشرية، ليصل إلى داخل الشخص ويساعده بالتغلب على آلالامه النفسية التي تسبب له التعب والوهن، وتسبب له المشاكل مع المحيط الخاص به، كما أنه يلعب دور في دعم المرضى بأمراض مزمنة (كالسرطان أو وجود إعاقات ) وتحفيز الطاقة الإيجابية لديهم.
العلاج النفسي هو نهج لعلاج مشاكل الصحة العقلية من خلال التحدث مع الطبيب النفسي أو اختصاصي علم النفس أو مقدم خدمات الصحية العقلية. ويُعرف العلاج النفسي أيضًا باسم العلاج بالحوار، والاستشارة، والعلاج النفسي الاجتماعي، أو ببساطة العلاج.
أثناء العلاج النفسي، ستتعرَّف على مشاكلك المحددة ومدى تأثير أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك على حالتك المزاجية. ويساعد العلاج بالحوار على تعلُّم كيفية السيطرة على حياتك والتعامل مع المواقف الصعبة بمساعدة مهارات التأقلم الصحية.
لماذا عليك أن تذهب إلى المعالج النفسي في وقت ما ؟
النفس البشرية صندوق مليء بالخبايا والأسرار والتراكمات، التي تحتاج بين الحين والآخر إلى عمل جلسات تنظيف للتخلص من الشوائب العالقة في النفس، لذلك نحن بحاجة لزيارة المختص وفتح صندوقنا أمامه. قد يتساءل البعض، ماهي ضرورة الذهاب للمعالج النفسي بالوقت الذي نستطيع فيه الذهاب إلى أصدقائنا وتفريغ ما لدينا أمامهم؟ ببساطة يمكن القول إن هناك فرق كبير بين المختص النفسي وبين الصديق أو أحد أفراد العائلة، لأنك أمام المختص تستطيع أن تعرّي نفسك من الداخل دون حرج أو تكلّف، وهذه التعرية لاتستطيع أن تفعلها أمام الصديق أو القريب.
ولأن المختص يستطيع أن يسلّط الضوء على زاوية من نفسك لم تراها، ولن تراها إلا بواسطته. بالإضافة إلى أن المختص سوف يكون حقيقياً وصريحاً معك، فلن يجاملك في عيوبك بينما قد يفعل الأصدقاء ذلك، سوف يعمل على تخليصك من تلك العيوب ويخرج طاقاتك الكامنة، ويُظهر امكانياتك وقدراتك.
أنواع العلاجات ومدة التواصل مع المختص:
هناك عدة أنواع للعلاج ، تختلف باختلاف الحالة التي تحتاج التعافي كما أن هناك مدة زمنية يحتاجها كل شخص حتى يصل لمرحلة التعافي والتشافي.
علاج على المدى القصير:
قد يكون علاج لمشكلة بسيطة أو صدمة جديدة. ويتم ذلك بجلسة واحدة حتى ثلاث جلسات، إن هذا العلاج لا يستغرق الكثير من الوقت، يحتاج فقط التزام من قبل المتعالج بالنصائح والطرق الخاصة بالعلاج المقدمة من قبل المختص.
علاج على المدى الطويل:
إن هذا النوع من العلاج يكون على مراحل ربما شهور لأن المشكلة ليست بسيطة أو واحدة، وإنما هي عبارة عن تراكمات في الداخل، في هذا النوع من العلاج يحتاج الشخص لأكثر من شهر حتى يصل إلى مرحلة التشافي، ويلزمه اتباع خطة علاجية منظمة.
علاج وقائي:
هذا النوع مهم جداً، وهو بمثابة توعية استباقية لأي حدث قد يعترض الإنسان. يُستخدم بشكل كبير في الدول الأجنبية وتحديدا (الأمريكية والأوربية) ، يتم التواصل فيه بشكل مستمر مع المعالج لاستشارته بجميع الأمور التي تسبب حيرة أو ارتباك لدى الشخص، إن هذه التوعية تكون قبل وقوع المشكلة وتأزم النفس.
على سبيل المثال يلجأ الأشخاص الأوروبيون المقبلون على الزواج إلى المختص النفسي السلوكي لاستشارته حول العلاقة والخطط المستقبلية التي تضمن نجاح علاقتهم.
كما أن المتزوجين يلجؤون إلى المختص لتلقي جلسات دعم وتوعية خاصة في طرق التعامل بين الزوجين والسيطرة على الانفعالات أثناء الحمل، حتى الطلاب الذين أنهوا المرحلة الثانوية يذهبون للمختص لإرشادهم وتوعيتهم حول ميولهم العلمية ورغبتهم الدراسية.
إن العلاج الوقائي له حيّز كبير في الدول الأخرى لما تمتلكه تلك الدول من ثقافة وعلم وتقدم.
من هم الأشخاص الذين يذهبون للمختص؟
_ الأشخاص المصابين باختلال التوازن في المشاعر والأفكار، يحتاج هؤلاء إلى ترتيب الداخل، فهم يعيشون الحياة بفوضى الكآبة.
_أصحاب الاضطرابات النفسية، كاضطرابات الهوية الجنسية، واضطرابات النوم، والأكل، والقلق، والاكتئاب والوساوس، واضطرابات مابعد الصدمة.
_الأشخاص الذين لديهم ضعف في المهارات السلوكية. لأن ضعف المهارات السلوكية تؤثر على أسلوب تعامل الشخص بعلاقاته مع مجتمعه كأسرته ومحيطه، كما أنها تؤثر على علاقات العمل.
_ذوي الاضطرابات الشخصية، كالشخصية النرجسية والحدية والمعادية للمجتمع.
_الأشخاص الذين لديهم مشكلات زوجية وخلل في العلاقة، بالإضافة للأشخاص الذين يحتاجون جلسات خاصة بالتوافق ما بين الشريكين في مرحلة ماقبل الزواج ، وأيضاً المربين الذين يحتاجون إرشادات وتوعية تربوية للتعامل مع الأطفال.
يستخدم المعالجون النفسيون مجموعة متنوعة من الأساليب العلاجية، بما في ذلك:
هنالك العديد من أنواع العلاج النفسي، ولكل نوع منه نهج خاص في العلاج. تشمل بعض أنواع العلاج النفسي الشائعة:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يركز على تغيير الأفكار والسلوكيات غير الصحية
- العلاج الديناميكي النفسي: يركز على فهم اللاوعي وتأثيره على السلوك
- العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يركز على تطوير مهارات التأقلم والتحكم في المشاعر
- العلاج باللعب: يستخدم مع الأطفال لمساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم
أهمية العلاج النفسي:
يعد العلاج النفسي من أكثر طرق العلاج فعالية للمشكلات النفسية والعاطفية والسلوكية. يمكن أن يساعد العلاج النفسي الأشخاص على:
- التغلب على المشكلات النفسية والعاطفية
- تحسين الصحة العقلية
- تحسين جودة الحياة
- تحقيق الأهداف الشخصية
وظيفة
العلاج النفسي تتمثل وظيفة المعالج النفسي في مساعدة الأشخاص على فهم مشاعرهم وسلوكهم، وتطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع المشكلات. يعتمد العلاج النفسي على الحوار بين المعالج والمريض.
حيث يساعد المعالج المريض على:
- التعبير عن مشاعره وأفكاره
- فهم أسباب مشكلاته
- تطوير مهارات التأقلم
- تغيير السلوكيات غير الصحية
ماهو الفرق بين المعالج النفسي والطبيب النفسي؟
يشترك المعالج النفسي والطبيب النفسي في الاهتمام بمساعدة الأشخاص على التغلب على المشكلات النفسية والعاطفية والسلوكية. ومع ذلك، هناك بعض الاختلافات الرئيسية بين هذين المهنيين، بما في ذلك:
التدريب والتعليم:
يحتاج المعالج النفسي إلى درجة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه في علم النفس، بالإضافة إلى برنامج تدريبي في العلاج النفسي. أما الطبيب النفسي فهو طبيب مؤهل بالكامل ويحمل درجة طبية.
الصلاحيات:
يمكن للمعالج النفسي تقديم العلاج النفسي، ولكن لا يمكنه وصف الأدوية. أما الطبيب النفسي فهو قادر على وصف الأدوية بالإضافة إلى تقديم العلاج النفسي.
التركيز:
يركز المعالج النفسي بشكل أكبر على العوامل النفسية والاجتماعية للمشكلات النفسية والعاطفية والسلوكية. أما الطبيب النفسي فهو يركز بشكل أكبر على العوامل البيولوجية والطبية للمشكلات النفسية والعاطفية والسلوكية.
الاختصاصات:
يمكن للمعالج النفسي أن يكون متخصصًا في مجال معين من العلاج النفسي، مثل العلاج المعرفي السلوكي أو العلاج الديناميكي النفسي. أما الطبيب النفسي فهو يمكن أن يكون متخصصًا في مجال معين من الطب النفسي، مثل الطب النفسي للأطفال أو الطب النفسي الإكلينيكي.
الجدول الزمني:
عادة ما تكون جلسات العلاج النفسي مع المعالج النفسي أقصر من جلسات العلاج النفسي مع الطبيب النفسي.
كيف أختار المعالج المناسب؟
عند اختيار المعالج المناسب، من المهم مراعاة العوامل التالية:
- نوع المشكلة النفسية أو العاطفية أو السلوكية التي تعاني منها
- خبرة المعالج في التعامل مع نوع المشكلة التي تعاني منها
- أسلوب العلاج الذي يفضله المعالج
- تكلفة العلاج
من المهم أيضًا أن تشعر بالراحة مع المعالج الذي تختاره.
نصائح للاستفادة من جلسات العلاج النفسي:
➢ في البداية اسأل عن المعالج وعن علمه وخبرته، واستفسر عن نوعية وعدد الحالات التي قام بمعالجتها.
➢ عند زيارة الأخصائي والحديث معه، اسأل نفسك هل ترتاح معه؟ فقط اتبع حدسك.
➢ اطلب من المعالج أن ترى آراء الناس الذين تابعوا عنده.
➢ تحلى بالصدق والصراحة التامة في حديثك معه.
➢ التزم بخطتك العلاجية، و لاتبني توقعات مسبقة وتتخيل أن نتائج العلاج سوف تكون فورية.
➢ اجعل الوقت هو مقياسك في التقدم.
راقب نفسك هل أتحسن مع تقدم الوقت أم لا ؟! و آمن بفكرة التحسن التدريجي الذي يأتي على مراحل.
في الختام:
إن وجود المختص النفسي في حياتنا يعد واحداً من فرق الإنقاذ الضرورية التي نحتاجها جميعاً، حيث يعد المعالج النفسي موردًا قيمًا للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية وعاطفية وسلوكية. يمكن أن يساعد العلاج النفسي الأشخاص على التغلب على المشكلات النفسية والعاطفية، وتحسين الصحة العقلية، وتحسين جودة الحياة. إذا كنت تعاني من مشكلة نفسية، فلا تتردد في طلب المساعدة من معالج نفسي.