السعادة هي غاية كل إنسان، وهي أساس بناء أي علاقة ناجحة، بما في ذلك العلاقة الزوجية. ولأن المرأة هي شريكة الرجل في الحياة، فإن سعادتها هي سعادة الأسرة بأكملها.
فإذا كانت المرأة سعيدة، فإنها ستكون أكثر قدرة على العطاء والحب، وأكثر قدرة على تحمل المسؤوليات، وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات التي تواجه الأسرة. وهذا بدوره سيؤدي إلى سعادة الزوج والأبناء، وبالتالي سعادة الأسرة بأكملها.
وإذا كانت المرأة غير سعيدة، فإنها ستكون أكثر عرضة للمشاكل النفسية والجسدية، وأكثر عرضة للسلوكيات السلبية، وأكثر عرضة للخلافات مع الزوج. وهذا بدوره سيؤدي إلى تعاسة الزوج والأبناء، وبالتالي تعاسة الأسرة بأكملها.
لذلك، فإن أهمية سعادة المرأة في بناء الأسرة لا يمكن إنكارها، فهي أساس استقرار الأسرة ونجاحها.
ولكن للأسف، لا تتمتع كل النساء بالسعادة، وغالباً بسبب العنف المُمارس عليهن، بأشكاله. مثل: العنف الأسري، والزواج القسري، والحرمان من التعليم والعمل، والتمييز على أساس الجنس.
إن التعاون بين الرجل والمرأة هو أساس بناء أسرة سوية سعيدة. فالرجل والمرأة يكملان بعضهما البعض، وعليهما أن يعملا معاً لتحقيق سعادتهما وسعادة أسرتهما، ولكن من أكثر العقد النفسية شيوعًا في المجتمع العربي هي عقدة التفوق الذكوري.
وهذه العقدة تجعل الرجل يشعر بأنه أعلى من المرأة، وأنها أدنى منه في الحقوق والواجبات. مما يدفعه إلى ممارسة العنف عليها، وحرمانها من حقوقها الأساسية.
ولكي يتخلص الرجل من عقدة السلطوية:
عليه أن يتعلم أن المرأة هي إنسانة مثله، وأن لها نفس الحقوق والواجبات. كما عليه أن يحترمها ويقدرها، وأن يتعامل معها كشريكة متساوية له في الحقوق والواجبات.
وهذا لن يتحقق إلا من خلال التربية والتعليم، وتغيير الثقافة المجتمعية التي تروج لأفكار التفوق الذكوري.
فالرجل الذي يعاني من عقدة النقص يحاول تعويضها بالتسلط على الآخرين، بما في ذلك المرأة.
وهناك العديد من الطرق التي يمكن للرجل من خلالها التعاون مع المرأة لتحقيق سعادتها والتخلص من سلطويته لبناء أسرة سوية، منها:
• احترام رأي المرأة وتقديره: فالرجل يجب أن يحترم رأي المرأة ويقدره، حتى لو كان يختلف معه.
• مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات: فالرجل يجب أن يشارك المرأة في اتخاذ القرارات التي تخص الأسرة، حتى لو كانت قرارات صعبة.
• مساعدة المرأة في الأعمال المنزلية: فالرجل يجب أن يساعد المرأة في الأعمال المنزلية، حتى لا تشعر بأنها محملة بعبء كبير.
• مدح المرأة وتقديرها: فالرجل يجب أن يمدح المرأة ويقدرها على أعمالها وإنجازاتها، حتى تشعر بالسعادة والرضا.
مسؤولية المرأة في تحقيق سعادتها:
ومن المهم أن تسعى المرأة إلى تحقيق سعادتها بغض النظر عن كل المعوقات، وأن تتخلص من كل ما يسبب لها الحزن أو التعب، من أجلها ومن أجل الآخرين.
وهناك عدة طرق لتحقيق ذلك، منها:
- الاستقلال الاقتصادي: فالمرأة المستقلة اقتصاديًا هي امرأة قوية وذات قيمة.يعد الاستقلال الاقتصادي من أهم عوامل سعادتها. فالمرأة المستقلة اقتصاديًا تكون أكثر قدرة على اتخاذ قراراتها الخاصة، وتحقيق أهدافها في الحياة.
- التخلص من العقد النفسية: فالمرأة التي تعاني من العقد النفسية، مثل عقدة النقص أو عقدة الخوف، تكون أقل سعادة من المرأة التي تتمتع بصحة نفسية جيدة.
- الدعم الاجتماعي: فالمرأة التي تحظى بالدعم الاجتماعي من عائلتها وأصدقائها تكون أكثر سعادة من المرأة التي تشعر بالوحدة.
- العناية بالصحة الجسدية والنفسية: فالمرأة التي تتمتع بصحة جيدة، تكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق السعادة.
الخطوات الأولى في تحقيق سعادة المرأة:
- التعرف على نفسها وقدراتها: من المهم أن تتعرف الأنثى على نفسها جيداً، وأن تعرف نقاط قوتها وضعفها، وذلك حتى تستطيع تحديد أهدافها وتحقيقها.
- تحديد أهدافها: يجب على الأنثى أن تحدد أهدافها في الحياة، وأن تكون هذه الأهداف واقعية وقابلة للتحقيق.
- وضع خطة لتحقيق أهدافها: بعد تحديد الأهداف، يجب على الأنثى وضع خطة لتحقيقها، وتشمل هذه الخطة تحديد الخطوات اللازمة لتحقيق كل هدف، وتحديد الجدول الزمني لكل خطوة.
- السعي لتحقيق أهدافها: بعد وضع الخطة، يجب على الأنثى السعي لتحقيق أهدافها، وذلك من خلال العمل الجاد والمثابرة.
- عدم الخوف من الفشل: يجب على الأنثى ألا تخاف من الفشل، فالفشل هو جزء من النجاح، ومن المهم أن تتعلم منه.
سعادة المرأة وبناء الأسرة:
كيف يمكن لامرأة حزينة أن تربي أطفال سعداء؟
الجواب: إنها لن تستطيع.
فالطفل يتعلم من والديه، وإذا كانت الأم حزينة، فسوف يشعر الطفل بالحزن والغضب.
وهذا بدوره سيؤثر على نموه النفسي والعاطفي.
لذلك، من المهم أن تسعى المرأة لتحقيق التوازن في حياتها، حتى تتمكن من تربية أطفال سعداء.
فالأم الحزينة لا تستطيع أن تقدم لأبنائها الحب والرعاية والاهتمام الذي يحتاجونه. كما أنها تكون أكثر عرضة للغضب والانفعال، مما قد يؤثر سلبًا على سلوك الأطفال.
إن سعادتها هي أساس سعادة أطفالها، فالطفل الذي ينشأ في بيئة سعيدة وإيجابية، يكون أكثر قدرة على تحقيق سعادته في المستقبل.
دور المجتمع في المساعدة على تحقيق سعادة المرأة:
على المجتمع أن يدرك أن أهمية المرأة وتحقيق سعادتها وتوازنها تعني أهمية وتوازن المجتمع ككل، فسعادتهت المرأة تجعلها أكثر قدرة على رعاية أبناءها، وتنشئتهم تنشئة سليمة. بالإضافة إلى أنها تجعلها أكثر قدرة على تحمل المسؤوليات الزوجية والعائلية. وأكثر قدرة على المساهمة في بناء المجتمع وتطويره.
فإذا كانت المرأة سعيدة، فإنها ستكون قادرة على أداء دورها على أكمل وجه، كزوجة وأم، فسعادتها مصدرًا لسعادة أسرتها.
في الأدب:
لقد أكد الأدب على حق الأنثى في السعادة، ففي الأدب العربي، نجد العديد من القصائد والروايات التي تتحدث عن معاناة النساء ورغبتهن في السعادة، مثل رواية “الأم” لمصطفى صادق الرافعي، ورواية “بنات الرياض” لسعاد الصباح.
فقد قالت الكاتبة البريطانية جورج إليوت:
المرأة الحقيقية هي التي تصنع سعادتها بنفسها
وقال الكاتب جبران خليل جبران:
لا توجد سعادة في الدنيا إلا للمرأة التي تحب، وتكون محبوبة
وفي الأدب العالمي الكثير مما كُتب فالكاتب ماكس ويل أوجز حينما قال:
السعادة هي المعنى والغاية من الحياة، هي حالة نفسية تتعلق بالرضا عن الذات
والشعور بالراحة والتفاؤل
في الدين:
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ” (التوبة: 71)
وهذه الآية تشير إلى أن سعادة المرأة تأتي من الانتماء إلى مجتمع يحترم حقوقها ويحافظ على كرامتها.
وفي المسيحية:
فَأَخَذَتْ مِنْ ثِمَرِهِ وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ أَيْضًا لِزَوْجِهَا مَعَهَا فَأَكَلَ” (الكتاب المقدس، سفر التكوين 3:6)
وهذا يشير إلى أن سعادة المرأة تأتي من الشراكة المتساوية مع الرجل في الحياة وفي اتخاذ القرارات.
ونهايةً:
“إنَّ السَّعادة هي الهدف الذي نسعى جميعًا لتحقيقه، ولكنَّ سعادة المرأة تأتي من التحرُّر والاستقلال والتمتُّع بالحقوق المتساوية. فلنعمل جميعًا على تحقيق هذه الأهداف، ولندعم بعضنا البعض في سعينا لبناء مجتمع يحترم ويحمي حقوق المرأة، حتى يصبح السعادة والرفاهية شعارًا يتحقَّق في حياتنا جميعًا.”