لمبة

كيفية تحقيق الاندماج في المجتمعات الغربية: تحدّيات الهجرة والحاجة إلى التعايش

0135fe15dd000133155f6134d3b965ae

اتصلّت بي امرأة، تركت بلدها العربي لظروف قاهرة، لتعيش في ألمانيا منذ خمس سنوات.

قالت لي: توقف الزمن عندي منذ هاجرت لأوروبا، لم أستطع الاندماج، وجدتُ صعوبة في تعلم اللغة، لم أتقبّل الناس وطبائعهم، وللأسف لاأستطيع العودة إلى بلدي.

بدايةً:

الهجرة هي ظاهرة عالمية قديمة قدم الإنسان، وقد ازدادت حدة في العصر الحديث بسبب العديد من العوامل، منها الفقر والحرب والاضطهاد. وغالبًا ما يواجه المهاجرون العديد من التحديات في بلدهم الجديد، بما في ذلك صعوبة التأقلم مع الثقافة الجديدة واللغة والمجتمع.

وفي وقتنا الحاضر، أصبحت الهجرة ظاهرة عالمية، حيث يهاجر ملايين الأشخاص من بلدانهم الأصلية إلى بلدان أخرى بحثًا عن الأمان والازدهار. وقد شهدت المجتمعات الغربية في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في أعداد المهاجرين، مما أدى إلى ظهور العديد من التحديات والمشاكل، ومن بينها مشكلة الاندماج.

فكرة الهجرة500361b84d11e98226396cdd07331c45 e1698255072901 إلى الخارج:

فكرة السفر إلى الخارج كانت موجودة منذ زمن بعيد، كانت إما بسبب البحث عن العمل ، أو الدراسة.
لكن مؤخراً مع ظهور الحروب والفوضى المنتشرة في الوطن العربي بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص؛ أصبح السفر ضرورة حتمية للبحث عن الأمان والاستقرار، خاصة وأن هناك الكثير من الأشخاص الذين خسروا منازلهم وعملهم بسبب الحرب، واضطروا لأن يسافروا وينتقلوا للعيش في البلاد الأجنبية.

هنا يكون السؤال؛ هل استطاع هؤلاء الأشخاص التأقلم والاندماج؟

لاسيما وأن المجتمعات الغربية تختلف اختلافاً كلياً عن مجتمعاتنا.

كيف تكون الهجرة في وقتنا الحاضر؟

تختلف الهجرة في وقتنا الحاضر عن الهجرة في الماضي، حيث أصبحت أكثر تعقيدًا بسبب العديد من العوامل، منها:

التقدم التكنولوجي:

ساهم التقدم التكنولوجي في تسهيل عملية الهجرة، حيث أصبح بإمكان المهاجرين التواصل مع أقاربهم في الوطن الأم بسهولة أكبر.

الحرب والاضطرابات:

أدت الحرب والاضطرابات في العديد من البلدان إلى زيادة أعداد المهاجرين، حيث يبحثون عن الأمان في بلدان أخرى.

الفقر والبطالة:

يضطر الكثير من الناس إلى الهجرة بسبب الفقر والبطالة في بلدانهم الأصلية.

الملاحقة السياسية:

يهاجر العديد من الأشخاص من الدول التي تمارس القمع السياسي بحثًا عن الحرية.

 

كيفية الاندماج في الغربة؟

مازال الكثير من الأشخاص الذين هاجروا أو لجأوا إلى البلدان الأجنبية يعانون من عدم التأقلم والاندماج.
لقد وجدوا أن كل شيء مختلف سواء في التعاطي مع أمور الحياة أو مع الأشخاص، ولكن إلى متى؟!


إن وجود العديد من العرب والسوريين على وجه التحديد في البلدان الأجنبية أصبح يتطلب التعايش والتأقلم في تلك المجتمعات.

حتى يستطيع الفرد أن يندمج مع المجتمع الغربي عليه أن يقوم بعدة أمور:

_احترام القوانين والعادات الجديدة:

من الطبيعي أن لكل بلد تقاليدها الخاصة وقوانينها التي تحكمها، ومن الطبيعي أيضاً أن يتم احترام القوانين من الزائرين والوافدين إلى تلك البلاد بصدر رحب ورضى.
فكر وتخيل أن يقوم أشخاص بزيارتك في منزلك وهؤلاء الأشخاص يحبون التدخين وشرب الكحول والغناء بصوت عالٍ وووالخ، وأنت لا تحب تلك الأشياء ولا تتعاطها في منزلك ولا تسمح لأولادك بممارسة تلك الطقوس.


هل ستترك الضيوف يفعلون ما يحبون أم أنك سوف تفرض قوانين منزلك عليهم؟ بالتأكيد إنك لن تسمح للضيوف بفعل تلك الأشياء وسوف تحدثهم أنها ممنوعة في منزلك وهم سوف يتفهمون الأمر بالطبع وسوف يقدرون أن هذا منزلك وتلك قوانينك.

الآن اعكس الأمر وفكر أنك أنت هو ذلك الضيف! ماذا سوف تفعل؟!

إن أول خطوات الاندماج هي التقبل؛ بمعنى أن تتقبل الآخرين بعاداتهم وتقاليدهم وأن تحاول أن تتعايش معهم وتحترم أن تلك هي عاداتهم وهم أحرار في كيفية التعامل مع مجتمعاتهم.

_تنظيم المهام وترتيب الأولويات:

من الأمور التي تعسّر الاندماج هي الضياع وعدم تنظيم الوقت.
حتى تكون فرداً منتجاً وفاعلاً في المجتمعات الجديدة عليك أولاً تنظيم وقتك!


فكر! أنت الآن تبدأ من جديد، عليك تعلم اللغة والاهتمام بمنزلك ومتابعة أمورك القانونية في البلاد، كما أنك بحاجة للتواصل مع الآخرين ومعرفة محيطك وجوارك.


كل تلك الأشياء هي مسؤوليات تقع على عاتقك ولن تستطيع إنجاز شيء بدون تنظيم الوقت وترتيب الأولويات.
عليك أن تضع مخططاً لما سوف تنجزه خلال اليوم حتى تتمكن من السيطرة على الأمور.

_الأخلاق العالية:

من المهم جداً أن تترك بصمة حسنة في مجتمعك الجديد، وهنا أسميه مجتمعك لأنك أصبحت فرداً من أفراده ويترتب عليك واجبات ومسؤوليات.

إن التحلي بالأخلاق الحميدة صفة سوف تساعدك في جذب أناس من حولك. عندما تتعامل بصدق وأمانة، وتحترم مشاعر الآخرين وتمد يد العون لمساعدتهم، سوف تلقى استحسان وسمعة جيدة وهذا سوف يجمع الناس من حولك ويحبون مجالستك والتعامل معك.

جميعنا يعاني من الوحدة، ولكن في كل مكان وزمان هناك أناس وأصدقاء ومقربين، والسمعة الحسنة تجلب أولئك الأشخاص.


فقط كنت صادقاً في تعاملك واحترم مشاعر الآخرين وسوف تستطيع الاندماج في المجتمع أكثر.

_اعتنِ بنفسيتك وسعادتك:

لاتستسلم للفراغ والحزن كي لاتدخل في دوامة الكآبة من خلال وسواس التغنّي بالماضي، والقلق من المستقبل، وتنسى اللحظة التي يجب أن تعيشها برضا وامتنان وراحة وسعادة.
قوّي الاتصال بخالقك كي تستمدّ منه أصلْ وقوة روحانية.


نمّي مهاراتك لتساعدك على التواصل والاندماج بيسر وسهولة مثل: مهارات التواصل مع الذات ( تقدير نفسك والتصالح معها والانتباه لمشاعرك ) والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات.


وأيضاً مهارات التواصل مع الناس والطبيعة .
كل هذا يعطيك قوة نفسية للاندماج والسعادة .

_تحمل المسؤولية والعمل بجد:

هناك كلمة شعبية معروفة وهي كلمة (عالة) بمعنى إذا كان الشخص عالة على غيره أي أنه يتنصل من المسؤولية ويلقي جميع أعباءه على غيره.
لا تكن عالة على غيرك وعلى المجتمع الذي أنت فيه.


بما أنك أصبحت فرداً من مجتمع جديد عليك تحمل المسؤولية والتفكير بمستقبلك ومستقبل عائلتك.

_حاول إتقان اللغة:

يعد إتقان اللغة من أهم عوامل الاندماج، حيث يسمح للمهاجر بالتواصل مع الآخرين والمشاركة في الحياة الاجتما
عية.

_التعرف على الثقافة المحلية:

يجب على المهاجر التعرف على الثقافة المحلية للمجتمع الجديد، وذلك من خلال القراءة والدراسة والتفاعل مع السكان المحليين.

_المشاركة في المجتمع:

يجب على المهاجر المشاركة في المجتمع الجديد من خلال العمل أو الدراسة أو العمل التطوعي.

عوامل الاندماج التي تقع على عاتق المجتمعات المضيفة:

تقع أيضًا على عاتق المجتمعات المضيفة مسؤولية تسهيل عملية الاندماج للمهاجرين، من خلال:

توفير برامج تعليم اللغة:

توفر العديد من الدول الغربية برامج تعليم اللغة للمهاجرين، مما يساعدهم على إتقان اللغة المحلية.

دعم برامج التوعية الثقافية:

تساعد برامج التوعية الثقافية المهاجرين على التعرف على الثقافة الجديدة.

تشجيع المشاركة في المجتمع:

تشجع المجتمعات المضيفة المهاجرين على المشاركة في المجتمع، من خلال العمل أو الدراسة أو الانخراط في الأنشطة الاجتماعية

يؤدي الاندماج إلى العديد من العواقب الإيجابية، منها:

تحسين فرص العمل: يساعد الاندماج المهاجرين على الحصول على فرص عمل أفضل في المجتمعات الغربية.

زيادة التفاعل الاجتماعي: يساعد الاندماج المهاجرين على التفاعل مع المجتمع الجديد وتكوين علاقات اجتماعية.

تقليل مشاعر العزلة والوحدة: يساعد الاندماج المهاجرين على التأقلم مع المجتمع الجديد وتقليل مشاعر العزلة والوحدة

تأثير الغربة على التعليم

اسأل نفسك تلك الأسئلة:

هل ستبقى الحكومة تصرف عليّ وعلى عائلتي؟ هل سأبقى أتلقى مساعدات من الآخرين؟


هل سوف أطلب من أهلي الموجودين في بلدي أن يرسلوا لي المال حتى أستطيع الاستمرار في الحياة؟
هل أنا سعيد بدون عمل؟

من الخطوات المهمة التي تسرّع في عملية الاندماج هي العمل.

وهناك العديد من العوامل التي تساعد على تسهيل عملية الاندماج، منها:

البرامج الحكومية:

توفر بعض الحكومات الغربية برامج لمساعدة المهاجرين على الاندماج، مثل برامج تعليم اللغة والتدريب المهني.

المنظمات غير الحكومية:

تعمل العديد من المنظمات غير الحكومية على تقديم الدعم للمهاجرين، مثل تقديم المشورة والمساعدة القانونية.

المجتمع المدني:

يمكن أن يساعد المجتمع المدني في تسهيل عملية الاندماج من خلال الأنشطة والفعاليات التي تساهم في تعارف المهاجرين بالسكان المحليين
فعندما تنخرط مع الآخرين وتعمل معهم وتصبح فرداً ذو إنتاجية هذا سوف يخلق لديك شعور بالقوة والتوازن.

لن تخاف الترحيل ولن تكون مجرد هامش! بل أنت شخص له وجود وكيان يعمل وينتج ويترك بصمته في كل مكان.

حاول دائماً أن تفعل شيئاً مميزاً وأن تكون خلّاقاً ومبدعاً في عملك. فكلما كنت أكثر مسؤولية وإنتاجاً، كنت أكثر قرباً من المجتمع ومن نفسك.

الاندماج مع المجتمع الغربي:

بادر:

أحياناً هنالك من يمتلك البعض المال والعمل والأخلاق ولكن لا يقومون بأي مبادرة وهذا يجعلهم بمعزل عن الآخرين.


عليك أن تبادر داوئماً في تكوين صداقات وعلاقات مع الآخرين ، قم ذات مرة بدعوة أحد سكان الجوار إلى منزلك، عرّفه بنفسك وحاول أن تتودد له، احكي له عن مجتمعك القديم وعن سعادتك في أنك جزءاً من مجتمعك الجديد.

بادر في المساعدة؛ فكل مجتمع فيه ما يلزمه لتقديمه له.

اعمل في التطوع وشارك في الفعاليات، مدّ يد المساعدة للآخرين وكن فرداً إيجابياً

المبادرة تكون في كل شيء حتى في المشاعر والتعبير عنها. كن دائماً سبّاقاً، لأن المبادرة سوف تجعلك تشعر بالسعادة والفخر وتجعلك أقرب للآخرين كما في شخصية النبي محمد الذي عٌرف عنه أنه مبادر.

قصة إنسان عاش في الغربة:

يمكن أن نسرد قصة إنسان عاش في الغربة، ليوضح لنا التحديات التي يواجهها المهاجرون في المجتمعات الغربية.


يحكي لنا أحد المهاجرين قصته، قائلاً: “هاجرت إلى إحدى الدول الغربية بحثًا عن فرصة عمل أفضل. في البداية، واجهت العديد من التحديات، مثل صعوبة اللغة والاختلافات الثقافية. لكنني بذلت قصارى جهدي للتغلب على هذه التحديات. تعلمت اللغة المحلية، وتعرفت على الثقافة الجديدة، وشاركت في المجتمع. الآن، أشعر أنني جزء من هذا المجتمع، وأعيش حياة سعيدة ومستقرة.” وهذا مانحتاجه، حياة سعيدة ومستقرة، ولن ننالها من غير أن نسعى ونبذل جهوداً لنساعد أنفسنا وغيرنا.

في الختام:

يجب علينا القول بأن الهجرة إلى المجتمعات الغربية ظاهرة معقدة، تتطلب جهودًا من جانب المهاجرين والمجتمعات المضيفة.الاندماج هو عملية مهمة، تساعد المهاجرين على تحسين فرصهم في الحياة، وتعزيز التبادل الثقافي بين المجتمعات المختلفة، وهو أهم ما يجب أن يفكر فيه الشخص سواء كان مسافراً أو يخطط للسفر.


حيث يواجه المهاجرون العديد من التحديات في بلدهم الجديد. ويتطلب حل هذه المشكلة تعاون جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني والمهاجرين أنفسهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *